fbpx

“إلك أمانة عنا”.. كيف تتغلب تحويلات السوريين المغتربين على العقوبات والقيود المحلية لتصل إلى عائلاتهم؟

رسالة من رقم غريب على تطبيق واتساب تقول ” إلك أمانة عنا” دون مزيد من التفاصيل.. بعدها يقرر المرسل المكان والزمان اللازمين لتسليم “الامانة” للمرسل إليه.

يلتقي الطرفان في شارع عام يسيران معا في حيطة وحذر ليخرج المرسل كيساً أسود ملفوف ويطلب من المستلم أن يفتح حقيبته ليضع الكيس الأسود بداخلها بسرعة ومن بعدها يفترق الشخصان في رمشة عين.

هكذا يستلم كثير من السوريين الأموال التي حولها لهم ذووهم بالخارج عبر السوق السوداء، وتتميز هذه العملية بسرية تامة ومحاولات للتخفي عن أنظار السلطات السورية، تفاديا للسجن والعقوبات المفروضة على المتعاملين بتحويل الأموال في السوق السوداء.

لكن الخطورة في هذه العملية لا تكمن فيما يمكن أن تجلبه من عقوبات في داخل سوريا فقط، فالسوريين في الخارج معرضون أيضاً للملاحقة القانونية إذا ما ضبطوا وهم يحولون الأموال بهذه الطريقة.

ماهي تداعيات الأزمة الإقتصادية على السوريين ؟

عشر سنوات من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي جرفت الاقتصاد السوري إلى الحضيض كما تأزمت الأوضاع المعيشية بعد سنوات من الحرب التي دمرت البنى التحتية وخلفت البلاد في حالة يرثى لها.

وقد تدهورت القدرة الشرائية لمعظم السوريين تحت وطأة الارتفاع المتسارع في معدلات التضخم والتدهور في سعر تصريف الليرة السورية التي وقفت عاجزة أمام الدولار وأسعار البضائع المختلفة.

غالبية السوريين تعتمد على الحوالات المالية التي يرسلها ذووهم بالخارج إلى البلد الأم المتعثر اقتصاديا.

وأصبحت مكاتب الصرافة المكتظة والطوابير الطويلة على أبوابها، مشهدا متكررا في كافة مناطق سوريا، فهذه الحوالات المالية هي السبيل الوحيد للحياة بالنسبة لكثيرين.

وفقا للمكتب المركزي للإحصاء في سوريا ارتفعت نسبة التضخم خلال سنة 2020 وحدها نحو 200٪ مقارنة بعام 2019، مما ضيق الخناق على الشعب السوري الذي يقبض راتبه بالليرة السورية المتدهورة بينما يشتري البضائع من الأسواق تبعا لسعر تصريف الدولار.

لماذا يرسل السوريين حوالاتهم عن طريق السوق السوداء؟

الاختلاف الواضح في سعر صرف الدولار بين الأسواق الرسمية والسوق السوداء هو أحد أهم الأسباب التي تدفع السوريين إلى إرسال الحوالات المالية لذويهم بطرق غير رسمية.

فالسوريين بالداخل يستلمون الأموال بالليرة السورية مقابل المبلغ الذي يتم تحويله بالدولار من الخارج، ولهذا يلجأ السوريين إلى السوق السوداء التي تضمن تحويلها بسعر صرف الدولار بالسوق السوداء تفاديا لأي خسارة.

ويقول عبدالله أحد العاملين بتحويل الأموال إلى سوريا أن “الأمر يتم عبر شبكة كبيرة من الأشخاص تضم نحو 50 شخص في مختلف بلدان العالم وهناك رأس للمجموعة يتم التواصل والتنظيم بين الجميع من خلاله.

كما يتم التواصل عبر تطبيق واتساب حصراً لأنه مشفر وتصعب مراقبته، وعندما تتجمع الأموال هنا في بريطانيا مثلا أو أي بلد آخر، تخرج عن طريق التجار.

“فعندما يأتي التاجر إلى بلد ما لشراء بضاعة أو شحنة لا يضطر لإحضار الأموال معه والتعرض لأي مساءلة قانونية من السلطات حيث نسلمه نحن هنا الأموال التي تجمعت لدينا من حوالات الناس بالجنيه الإسترليني ليشتري بضائعه ويزودنا هو بالمال في سوريا مقابل ذلك.

وخلال الفترة الأخيرة شددت السلطات السورية الإجراءات وضيقت الخناق على السوق السوداء والتعاملات المالية عبره فألقت القبض على الكثير من المتعاملين بالدولار والتجار في السوق السوداء.

كما أغلقت العديد من مكاتب الصرافة التي تتعامل بتحويل الأموال عبر طرق غير رسمية، هذا التشديد دفع كثيرين للحذر والتزام السرية والتكتم خلال العملية وأخذ الحيطة من الأشخاص الذين يتعاملون معهم خوفاً من أن يبلغوا السلطات الرسمية.

بماذا أثرت العقوبات الدولية على السوريين؟

بعيدا عن الاختلاف في سعر صرف الدولار بين السوق الرسمي والسوداء إلا أن هناك أسباب أخرى تقف وراء لجوء السوريين في الخارج إلى إرسال الحوالات بطرق غير رسمية.

فالعقوبات الدولية على سوريا تمثل عائق أمام الراغبين بإرسال الأموال من الخارج إلى عائلاتهم بطرق رسمية بحسب الخبراء والاقتصاديين السوريين.

وقد يرى البعض أن إرسال الحوالات المالية عبر السوق السوداء يلحق أضراراً بالاقتصاد السوري، إلا أن هذه الحوالات باتت تمثل سبيلاً تعتمد عليه العديد من العائلات السورية في البلد المدمر اقتصادياً في ظل الارتفاع الحاد بالأسعار والشلل في العجلة الاقتصادية.

المصدر..هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي“.

اقرأ أيضاً: